المسبحة الوردية هي “مُلَخَّصُ الإنجيل”

يجب علينا، لكي نتمكَّن من مشاهدة وجه المسيح والتأمُّل فيه، أن نُصغي إلى صوت الآب، لأنه “لا أحد يعرف الابن إلا الآب” (متى 1 / 17). فلما كان يسوع بقرب مدينة قيصرية فيلبُّس، اعترف بطرس بأن يسوع هو المسيح ابن الله الحيّ. فأكَّد له يسوع بكلّ دقّة أن مصدر نظرته الثاقبة التي مكَّنته من أن يُحدّد هوّية يسوع، قد جاء من الآب: “لا لحم ولا دم كشفا لك هذا، ولكن أبي الذي في السموات” (متى 16 / 17). ولذلك فإن الوحي الصادر من لَدُنِ الله هو أمرٌ ضروري، ولابدَّ، لكي نقبل هذا الوحي، من أن نقف موقف الإصغاء: إن خبرة الصمت والصلاة هي وحدها تضعنا في الجوِّ المناسب الذي يسمح لنا بأن نعرف سرّ المسيح معرفةً حميميةً أمينةً وكاملة، وبأن نجعل هذه المعرفة تنضج وتنمو.

إن تلاوة المسبحة الوردية هي إحدى الطرق التقليدية التي تُمكّننا من مشاهدة وجه يسوع والتأمّل فيه. لقد كتب بولس السادس ما يلي: “إن المسبحة الوردية المركّزة على سرَّي التجسّد والفداء توجِّهنا بوضوحٍ إلى المسيح. فإن عُنصرها المميَّز – وهو ترداد صلاة “السلام عليك” – يصبح هو أيضاً تسبيحاً غير منقطع للمسيح الذي بشَّر به الملاك، والذي سلَّمت اليصابات أمُّ يوحنا المعمدان على مريم العذراء بسبب وجوده في أحشائها حين قالت لها: “مباركةٌ ثمرة بطنك”. وإننا نقول أكثر من ذلك: إن تردا صلاة “السلام عليك” يؤلّف “الأرضيّة” التي تنمو عليها مشاهدة الأسرار والتأمُّل فيها. فإن اسم يسوع الذي نذكره في كلّ مرَّة نتلو “السلام عليك” هو الاسم الذي يعرضُه علينا تتابع الأسرار، ويؤكّد لنا أنه ابن الله وابن العذراء على السواء”. 

البابا القديس يوحنا بولس الثاني 

شارك مع الأصدقاء!

Facebook
WhatsApp
Email
Twitter
Telegram